[size=18]ومَن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا ( لو
14: 27 )
التلمذة الحقيقية هي تسليم كُلي تام للرب يسوع المسيح. إن المخلِّص
لا يبحث عن رجال ونساء يعطونه أوقات فراغهم المسائية، أو عطلة نهاية
الأسبوع، أو سنين تقاعدهم، بل بالحري يبحث عن أُناس يعطونه المكان الأول في
حياتهم، ويتبعونه عن ثقة وإدراك، مستعدين لأن يسيروا في طريق إنكار الذات
الذي سار هو فيه من قبلهم. وها هي شروط التلمذة كما وضعها مخلِّص العالم
نفسه:
(1) محبة قصوى للمسيح: «إن كان أحدٌ يأتي إليَّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته
وأولاده وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضًا، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). هذا لا يعني أن نبغض أقاربنا أو نحقد عليهم، بل يعني أن محبتنا للمسيح
يجب أن تكون قوية جدًا، بحيث تبدو كل محبة أخرى وكأنها بُغضة إذا ما قورنت
بها. وفي الواقع إن أصعب عبارة في هذا الفصل هي قوله: «حتى نفسه أيضًا».
فإن محبة النفس من أشد العقبات التي تعرقل التلمذة. فإن لم نضع حياتنا
نفسها له، ونسلمها ليده تمام التسليم، لا نصل إلى المكان الذي يريده لنا.
(2) إنكار النفس: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ...» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). ليس إنكار النفس كقهر النفس. فقهر النفس يعني: الامتناع عن بعض
الأطعمة أو بعض الملذات، أو التخلي عن بعض الممتلكات؛ لكن إنكار الذات يعني
إخضاع النفس وتسليمها لسيادة المسيح، فتتخلى عن حقوقها وسلطانها، وتتنازل
عن عرشها. وقد عبَّر عن ذلك هنري مارتن بقوله: ”لا تسمح يا رب أن تكون لي
إرادة من ذاتي، ولا أن أعتبر سعادتي الحقيقية متوقفة ـ حتى في أقل
درجاتها ـ على شيء يأتيني من الخارج، بل أن أعتبرها متوقفة بالكُلية على
طاعتي التامة لمشيئتك“.
(3) حمل الصليب طوعًا واختيارًا: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فليُنكر نفسه
ويحمل صليبه ...» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
(4) إنفاق الحياة في اتباع المسيح: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي، فلينكر
نفسه، ويحمل صليبه، ويتبعني» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). لكي نفهم هذا، علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ”ما الذي ميَّز حياة
الرب يسوع المسيح؟“ لقد كانت حياة المسيح حياة الطاعة لإرادة الله، حياة في
قوة الروح القدس، حياة خدمة مضحية لأجل الآخرين، حياة صبر وطول أناة في
مواجهة أشد الآلام وأفظع الإساءات. كانت حياة غيرة لله، وبذل، وضبط نفس،
ووداعة، ولطف، وأمانة، وولاء. فقد ظهر فيها ثمر الروح المذكور في غلاطية5:
22، 23. فإن أردنا أن نكون تلاميذه، مُظهرين ثمر حياة التشبه به في
حياتنا ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] )،
فعلينا أن نسلك كما سلك هو.
(5) محبة قوية لجميع تابعي المسيح: «بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان
لكم حبٌ بعضًا لبعض» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). هذه هي المحبة التي تحترم الآخرين أكثر من النفس. المحبة التي تستر
كثرة من الخطايا. المحبة التي تتأنى وترفق. المحبة التي لا تحسد. المحبة
التي لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا
تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء،
وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء ( 1كو 13: 4
- 7). دون هذه المحبة، تصبح التلمذة زهوًا باردًا، وتنسكًا طقسيًا
لا قيمة له.
(6) ثبات دائم في كلمة الله: «إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي»
( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ).
لأن التلمذة الحقيقية تتميز بالاستمرار والدوام، فما أسهل أن نبدأ حسنًا،
وأن تشرق منا ومضات من المجد والبهاء بين آنٍ وآخر، إنما محك الحقيقة هو
الثبات إلى النهاية. «ليس أحدٌ يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح
لملكوت الله» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ).
لهذا فإن الطاعة المتقطعة لوصايا الكتاب المقدس، والاتباع المُجزأ
لتعاليمه، لا يكفيان ولا ينفعان. لأن المسيح يطلب من كل أتباعه طاعة دائمة
متواصلة على غير انقطاع ودون سؤال.
). ليس الصليب ضعفًا جسمانيًا، ولا ألمًا نفسانيًا، ولا شيئًا مما يصيب
البشر عامةً، بل هو طريق نختاره بأنفسنا طوعًا، وإن كان يُعَدُّ في نظر
العالم هوانًا وعارًا. فالصليب يمثل العار والاضطهاد والضيق، الذي صبّه
العالم على ابن الله، وما زال يصبه على جميع الذين يختارون أن يقفوا ضد
التيار. وفي مقدور أي مؤمن أن يتجنب الصليب إن أراد، وذلك بمُشابهة العالم
ومُجاراته لطرق أهله.
[/size]
14: 27 )
التلمذة الحقيقية هي تسليم كُلي تام للرب يسوع المسيح. إن المخلِّص
لا يبحث عن رجال ونساء يعطونه أوقات فراغهم المسائية، أو عطلة نهاية
الأسبوع، أو سنين تقاعدهم، بل بالحري يبحث عن أُناس يعطونه المكان الأول في
حياتهم، ويتبعونه عن ثقة وإدراك، مستعدين لأن يسيروا في طريق إنكار الذات
الذي سار هو فيه من قبلهم. وها هي شروط التلمذة كما وضعها مخلِّص العالم
نفسه:
(1) محبة قصوى للمسيح: «إن كان أحدٌ يأتي إليَّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته
وأولاده وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضًا، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). هذا لا يعني أن نبغض أقاربنا أو نحقد عليهم، بل يعني أن محبتنا للمسيح
يجب أن تكون قوية جدًا، بحيث تبدو كل محبة أخرى وكأنها بُغضة إذا ما قورنت
بها. وفي الواقع إن أصعب عبارة في هذا الفصل هي قوله: «حتى نفسه أيضًا».
فإن محبة النفس من أشد العقبات التي تعرقل التلمذة. فإن لم نضع حياتنا
نفسها له، ونسلمها ليده تمام التسليم، لا نصل إلى المكان الذي يريده لنا.
(2) إنكار النفس: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ...» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). ليس إنكار النفس كقهر النفس. فقهر النفس يعني: الامتناع عن بعض
الأطعمة أو بعض الملذات، أو التخلي عن بعض الممتلكات؛ لكن إنكار الذات يعني
إخضاع النفس وتسليمها لسيادة المسيح، فتتخلى عن حقوقها وسلطانها، وتتنازل
عن عرشها. وقد عبَّر عن ذلك هنري مارتن بقوله: ”لا تسمح يا رب أن تكون لي
إرادة من ذاتي، ولا أن أعتبر سعادتي الحقيقية متوقفة ـ حتى في أقل
درجاتها ـ على شيء يأتيني من الخارج، بل أن أعتبرها متوقفة بالكُلية على
طاعتي التامة لمشيئتك“.
(3) حمل الصليب طوعًا واختيارًا: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فليُنكر نفسه
ويحمل صليبه ...» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
(4) إنفاق الحياة في اتباع المسيح: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي، فلينكر
نفسه، ويحمل صليبه، ويتبعني» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). لكي نفهم هذا، علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ”ما الذي ميَّز حياة
الرب يسوع المسيح؟“ لقد كانت حياة المسيح حياة الطاعة لإرادة الله، حياة في
قوة الروح القدس، حياة خدمة مضحية لأجل الآخرين، حياة صبر وطول أناة في
مواجهة أشد الآلام وأفظع الإساءات. كانت حياة غيرة لله، وبذل، وضبط نفس،
ووداعة، ولطف، وأمانة، وولاء. فقد ظهر فيها ثمر الروح المذكور في غلاطية5:
22، 23. فإن أردنا أن نكون تلاميذه، مُظهرين ثمر حياة التشبه به في
حياتنا ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] )،
فعلينا أن نسلك كما سلك هو.
(5) محبة قوية لجميع تابعي المسيح: «بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان
لكم حبٌ بعضًا لبعض» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
). هذه هي المحبة التي تحترم الآخرين أكثر من النفس. المحبة التي تستر
كثرة من الخطايا. المحبة التي تتأنى وترفق. المحبة التي لا تحسد. المحبة
التي لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا
تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء،
وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء ( 1كو 13: 4
- 7). دون هذه المحبة، تصبح التلمذة زهوًا باردًا، وتنسكًا طقسيًا
لا قيمة له.
(6) ثبات دائم في كلمة الله: «إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي»
( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ).
لأن التلمذة الحقيقية تتميز بالاستمرار والدوام، فما أسهل أن نبدأ حسنًا،
وأن تشرق منا ومضات من المجد والبهاء بين آنٍ وآخر، إنما محك الحقيقة هو
الثبات إلى النهاية. «ليس أحدٌ يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح
لملكوت الله» ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ).
لهذا فإن الطاعة المتقطعة لوصايا الكتاب المقدس، والاتباع المُجزأ
لتعاليمه، لا يكفيان ولا ينفعان. لأن المسيح يطلب من كل أتباعه طاعة دائمة
متواصلة على غير انقطاع ودون سؤال.
). ليس الصليب ضعفًا جسمانيًا، ولا ألمًا نفسانيًا، ولا شيئًا مما يصيب
البشر عامةً، بل هو طريق نختاره بأنفسنا طوعًا، وإن كان يُعَدُّ في نظر
العالم هوانًا وعارًا. فالصليب يمثل العار والاضطهاد والضيق، الذي صبّه
العالم على ابن الله، وما زال يصبه على جميع الذين يختارون أن يقفوا ضد
التيار. وفي مقدور أي مؤمن أن يتجنب الصليب إن أراد، وذلك بمُشابهة العالم
ومُجاراته لطرق أهله.
[/size]